عبدالله السيهاتي: رائد العطاء الإنساني والثقافي في السعودية

الكون بزنس: القاهرة
بقلم/ الفنان علي السبع


في عالمٍ تتنازعه المصالح وتتشابك فيه التحديات، تبرز شخصيات نادرة تصنع الفارق بين من يعيش لنفسه فقط، ومن يكرّس حياته لخدمة الآخرين. ومن بين هذه الشخصيات الملهمة، يسطع اسم الدكتور عبدالله السيهاتي، الرجل الذي جمع بين دهاء التاجر، وعمق المثقف، وبين المال والفكر، ليجسّد المعنى الحقيقي للنجاح الذي لا يُقاس بما نملكه، بل بما نقدّمه للعالم من قيم وإنجازات.


في زيارة رافقته فيها إلى أحد المتاحف المصرية، أدركت أن عبدالله السيهاتي لا يرى التاريخ كمجرد حكايات من الماضي، بل كنبض حيّ متجدد، يحمل رسائل ودروساً تستحق أن تُفهم وتُفعّل في الحاضر. كان يتنقّل بين المعروضات القديمة بعين الفاحص وروح المتأمل، يستنطق الجدران والأحجار، ويتأمل رمزية الحضارات، وكأنما يسافر عبر الزمن لا ليتفرّج، بل ليستلهم ويبني.


ينتمي الدكتور السيهاتي إلى عائلة عريقة في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، نشأ في بيئة تحتفي بالقيم والعمل والاجتهاد. وقد تمكّن من تحويل هذا الإرث العائلي إلى مشروع ذاتي متكامل، يستند إلى العلم والعمل والمسؤولية الاجتماعية.


حصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية التطبيقية من كلية البترول والمعادن بالظهران، ثم حاز على الدكتوراه الفخرية في الاقتصاد وإدارة الأعمال من الكلية الملكية الأيرلندية في دبلن عام 1424هـ، تكريماً لمسيرته المتنوعة والمثمرة. غير أن قيمته لم تكمن فقط في شهاداته، بل في ترجمته الواقعية لتلك المعرفة إلى مشروعات تخدم الوطن والمجتمع.

في المجال الرياضي، تولّى رئاسة مجلس إدارة نادي الخليج بسيهات بين عامي 1417هـ و1421هـ، وأطلق الدورة الرياضية الرمضانية عام 1429هـ، مؤمناً بأن الرياضة وسيلة تربوية لبناء الإنسان، لا مجرد منافسة بدنية. رؤيته كانت واضحة: جسد قوي، وعقل مستنير، وروح متسامحة.


أما في المجال الإنساني، فقد أسّس مركز السيهاتي الطبي بمحافظة القطيف، والذي بات مرجعاً صحياً للمنطقة، كما واصل دعمه المتنوع للمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والرياضية، إيماناً منه بأن الاستثمار في الإنسان هو أعظم استثمار.


نال السيهاتي جائزة السعودة في الرياض لعامي 1420هـ و1421هـ، تقديراً لمساهماته في توطين الوظائف، كما كرّمته جمعية الأعمال والصداقة الأوروبية العربية في دبلن عام 1424هـ، ومنح لقب سفير التراث السعودي في الهند عام 1426هـ، نظير دوره في تعزيز صورة المملكة الثقافية.


وفي عام 1430هـ، حصل على جائزة الأمير محمد بن فهد لخدمة أعمال البر، بعد أن تصدّر قائمة رجال الأعمال المتبرعين. وتُوّجت هذه المسيرة الإنسانية بتكريم رفيع من الملتقى العربي الأوروبي للسلام العالمي في الشارقة عام 2019م، حيث مُنح شهادة "صنّاع السلام في العالم".

إن فلسفة الدكتور عبدالله السيهاتي تتلخّص في أن المال بلا ثقافة فراغ، والثقافة بلا تطبيق ترف فكري. لقد جسّد في حياته معادلة نادرة بين الفكر والعمل، وبين الطموح الفردي والمصلحة العامة، ليصبح نموذجاً يُحتذى في الجمع بين الإبداع والإنتاج.


وربما أجمل ما يميّزه هو تواضعه الحقيقي، فهو لم يسعَ يوماً للظهور، بل ترك لأعماله أن تتحدث عنه. هو رجل لا يحب الأضواء، لكنه يحمل الضوء، ويزرعه في دروب الآخرين.


وجود شخصية مثل الدكتور عبدالله السيهاتي في مشهدنا الاجتماعي والثقافي ليس مجرد قيمة مضافة، بل ضرورة وطنية. هو نموذج مُضيء يُعلّمنا أن النجاح ليس امتيازاً شخصياً، بل رسالة إنسانية تتوارثها الأجيال. وأن بناء الأوطان لا يتم بالشعارات، بل بالعطاء المستمر، والتجسيد العملي للقيم النبيلة.


أخر إصدار من مجلة الكون بيزنس
تويتر
LinkedIn
Poll

هل ترى أن التحول الرقمي يمكن أن يسهم في تحسين كفاءة أعمال الشركات؟

نعم

86%

لا

14%

نعم

لا

مع أم ضد التعليم عن بعد؟

نعم

75%

لا

25%

نعم

لا

Do you have iPhone 12

نعم

46%

لا

54%

نعم

لا

جميع الحقوق محفوظة للكون بزنس © 2023