كتب / محمد العيسى
في الآونة الأخيرة تحولت كرة القدم إلى اقتصاد كامل قائم على التسويق والإعلانات وصفقات اللاعبين والجذب السياحي وتعزيز المكانة الدولية، هذا التغيير لكرة القدم من هواية إلى قوة ناعمة وواجهة اقتصادية هو ما دفع مؤسسات المملكة العربية السعودية إلى تبنى المواهب من خلال الصفقات والتعاقدات الفلكية التي وصلت لمئات الملايين التي تصب في مصلحة اقتصاد المملكة وتطوير الكرة السعودية مما يؤدي إلى إضافة مورد مادي للاقتصاد السعودي لا يقل أهمية عن الموارد الطبيعية، وهذا ما تهدف إليه رؤية المملكة 2030.
وعلاقة الاقتصاد بكرة القدم لخصها المؤرخ الإنجليزي الشهير سيمون كوبر في كتابه "اقتصاديات كرة القدم"، باتخاذ مانشستر يونايتد كمثال، حينما ربط نهضة العملاق الإنجليزي بالثورة الصناعية التي لعبت دورًا كبيرًا في ذلك، حتى أصبحت مدينة مانشستر في عام 1900 سادس أكبر مدينة في أوروبا بدخولها إلى مجال الصناعة، وبدأ المهاجرون يشكلون الشريحة الأكبر من سكان مانشستر، وكما رأينا مؤخرا أثر انضمام "كرستيانو رونالدو" إلى نادي لنصر، والأداء المبهر لهذا اللاعب، حيث كان الانضمام الأقوى والأشهر في تاريخ الدوري السعودي الذي عمل بدوره على الارتقاء بشهرة نادي النصر والدوري السعودي كله وأيضا انضمام اللاعب كريم بنزيما إلى نادي الاتحاد، لهذا فإن التعاقدات الأخيرة قد رفعت الدوري السعودي لكرة القدم (روشن) إلى المرتبة الخامسة في قائمة أكثر الدوريات العالمية إنفاقا على تعاقدات اللاعبين في العالم خلال فترة الانتقالات الصيفية للعام الحالي 2023، بمبلغ إجمالي نحو 300 مليون يورو (1.24 مليار ريال) لإتمام 15 صفقة، وذلك بعد إعلان نادي الهلال تعاقده مع البرازيلي "مالكوم" لاعب "زينيت سانت بطرسبرغ" الروسي بمبلغ إجمالي 60 مليون يورو (250 مليون ريال).
كما استحوذت الأندية الأربعة المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة على النصيب الأكبر من هذه الصفقات، مقابل 9 لاعبين، هم: "مالكوم"، "روبن نيفيز"، "سافيتش"، "كوليبالي" لنادي الهلال، ونيمار" البرازيلي قادماً من "باريس سان جيرمان" الفرنسي بعقد يصل قيمته 90 مليون يورو ليصبح أحدث اللاعبين العالمين الذين انضموا للدوري السعودي،بالاضافة إلى "بروزوفيتش"، "سيكو فوفانا"، "أليكس تيليس" لنادي النصر، "إدوارد ميندي" لنادي الأهلي، و"فيليبي جوتا" لنادي الاتحاد.
ووفقا لبيانات موقع (ترانسفير ماركت)، تصدر الدوري الإنجليزي قائمة الأكثر إنفاقا بمبلغ إجمالي 1.34 مليار يورو (4.71 مليار ريال)، لإتمام 46 صفقة انتقال، يليه ثانياً الدوري الإيطالي بمبلغ إجمالي يقارب 496 مليون يورو، لإتمام 75 صفقة انتقال، وجاء ثالثاً الدوري الفرنسي بما يقارب 455 مليون يورو، لإتمام 49 صفقة انتقال، في حين حل الدوري الألماني رابعاً بإجمالي 448 مليون يورو، لإتمام 54 صفقة انتقال، يليه خامساً دوري روشن بإجمالي نحو 300 مليون يورو، فيما هبط الدوري الإسباني للمرتبة السادسة بإجمالي 247 مليون يورو.
وفي الوقت ذاته، حل نادي الهلال وصيفا في قائمة أكثر الفرق إنفاقا لاستقطاب اللاعبين على مستوى العالم خلال انتقالات الفترة الصيفية للعام الحالي 2023، حيث بلغ إجمالي إنفاقه 178 مليون يورو (744 مليون ريال)، وذلك بعد إعلانه التوقيع مع اللاعب البرازيلي مالكوم بمبلغ 60 مليون يورو (250 مليون ريال).
وتتفق هذه التعاقدات والمبالغ التي دفعتها الأندية السعودية مع مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية الذي أطلقه ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان مطلع يونيو الماضي، تحقيقًا لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في القطاع الرياضي، الهادفة إلى بناء قطاع رياضي فعال، من خلال تحفيز القطاع الخاص وتمكينه للمساهمة في تنمية القطاع الرياضي.
فيستند المشروع إلى ثلاثة أهداف إستراتيجية، تتمثل في إيجاد فرص نوعية وبيئة جاذبة للاستثمار في القطاع الرياضي لتحقيق اقتصادٍ رياضي مستدام، ورفع مستوى الاحترافية الإدارية والمالية في الأندية الرياضية، إضافة إلى رفع مستوى الأندية وتطوير بنيتها التحتية لتقديم أفضل الخدمات للجماهير الرياضية، مما ينعكس بشكل إيجابي على تحسين تجربة الجمهور، ويهدف نقل الأندية وتخصيصها بشكل عام إلى تحقيق قفزات نوعية بمختلف الرياضات في المملكة بحلول عام 2030، لصناعة جيل متميز رياضيًا على الصعيدين الإقليمي والعالمي، إضافة إلى تطوير لعبة كرة القدم ومنافساتها بصورة خاصة، للوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل (10) دوريات في العالم.
