كتب : محمد العيسى
تكاد الدموع وأنات الروح لا ترتقي في التعبير عن الحزن برحيلك
يا شيخ العروبة وأمير القلوب والكويت ومسارات الدروب نحو الإنسانية
يا عظيم الشأن والبسمة والأمل والعطاء
فقدناك ... والفقد أقسى أنواع الفراق
يا صباح الكويت وصبّاحها
يا نور العروبة وشمسها المشرقة على كل قطر يحتاج لمسة حب وخير ومبادرة
يا صوتا صدح دائما بالحق ، حمل الهم فأبدع بالحل
ها هي الكويت تشهد لعظمة الأفكار التي انسابت من فكرك النير علما وعمرانا وثقافة وتجارة وصناعة وحرية وسعادة ووحدة ومسار
يا من لملم الأشلاء المبعثرة على حدود الوطن العربي
يا طائرًا حمل الخير ونشره في بقاع الأرض وعلى إمتداد مساحة الحاجة والبؤس ليتبدل الحزن فرحا والجهل علما والدمار بناء
هكذا يقرأك العالم ، هكذا يرسم كل إنسان على شاكلة " مخلص " أو " منقذ " أو "مبدع "
بقلوب تعتصر الحزن نودعك شامخا كشموخ المبادرات التي أطلقتها بكل إتجاه
بقلوب حزينة نبكي على رحيل اب عربي ، شيخ أعطى الحياة ولم يأخذ منها ...
كنت أمير الكويت في حياتك ... وبموتك توّجت أميرا لكل إنسان .
الحزن السعودي علي رحيل أمير الكويت ... أقوى من كلمات تُكتب !
أصيبت المملكة العربية السعودية كما الكويت بالحزن الشديد على رحيل الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ، وللحديث عن هذا الحزن العميق ، لا بد أن نعود بالذاكرة إلى سنة 1891 أي إلى قبل 127 سنة من اليوم ، يومها إستقبلت الكويت الإمام عبد الرحمن الفيصل آل سعود ونجله الملك عبد العزيز آل سعود . كانت هذه المرحلة تأسيسية لعلاقة أكثر من أخوية بين بلدين جارين تجمعهما الجغرافيا ليأتي التاريخ مكرسا هذه العلاقة المتينة .
دولة الكويت التي حفظت للسعوديين ودهم وحبهم ، والمملكة التي ما خالفت قيم مؤسسيها وملوكها ، يخسران اليوم معا علما من أعلام الحوار والسلام ، يخسران في أصعب الظروف مبادرًا لعمل الخير .
إنها المملكة العربية السعودية التي أعطت ثقتها لأمير الكويت الراحل في أكثر من إستحقاق لتقريب وجهات النظر وما شابه ، هي السعودية التي تكبر بعلاقاتها مع الكويت كما الكويت تماما .
بقلوب حزينة سعودية ، بفقدان علم عربي خليجي قل نظيره ، ولأن الأعلام في السعودية لا تنكس وهي الدولة الوحيدة في العالم لا تلتزم هذا النمط ، تضرعت القلوب إحترما لروحه . .
الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ... تعددت الأسماء والالقاب ... إلا أن لقبا لازمك والتزمت به : " رجل المبادرات "
لذلك سنعرض ابرز المبادرات التي أطلقها أمير الكويت الراحل الشبخ صباح ألأحمد الجابر الصباح ، ليس لأننا نريد ذكر الإنجازات ، بل لأننا نريد لهذه المبادرات أن تترسخ وتتكرس في ضمير كل إنسان وعند كل إستحقاق ومع كل أزمة .
امير الكويت الراحل ... أمير المبادرات :
- نوفمبر 2007 تبرع الشيخ في القمة الثالثة لمنظمة أوبك التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض بمبلغ 150 مليون دولار لدعم برنامج يمول البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي.
- مايو 2008 أنشأت دولة الكويت صندوق الحياة الكريمة وساهمت بمبلغ 100 مليون دولار في هذا الصندوق لمواجهة الانعكاسات السلبيةلأزمة الغذاء العالمية على الدول.
- يناير 2009 أطلق الشيخ صباح مبادرة دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية برأسمال قدره مليار دولار، كما مهدت المبادرة لتحقيق المصالحة بين قادة الدول العربية من خلال تعزيز الأجواء الإيجابية.
- يوليو 2012 أعلن الشيخ صباح خلال مؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي عن تبرع دولة الكويت بتكاليف تجهيز المقر الجديد للمفوضية العامة للاتحاد الأفريقي بجميع مستلزماته في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
- أبريل 2016 أطلقت بلاده مبادرة لاستضافة مباحثات السلام اليمنية برعاية الأمم المتحدة وتدخل الأمير بشكل مباشر لضمان نجاحها.
تعدَّدت مبادرات سموه المعبّرة عن حبه لأبناء هذا البلد وشعوره باحتياجاتهم، ومنها المكرمة الأميرية التي أثلجت صدور الكويتيين عام 2011،حين تكرّم سموّه بمنح مبلغ ألف دينار لكل مواطن، إضافة إلى المواد التموينية لمدّة 14 شهرًا، ما أضاف الى فرحة الاحتفالات الوطنية مذاقاً خاصّاً لدى المواطنين.
وتجلّى حرص سموه على رعاية مصالح الشعب في العمل على إقرار قوانين مهمّة، منها قانون حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي صدرفي 2010، ليكفل حقوق المعاقين من الكويتيين وأبناء الكويتية من غير الكويتي في مجالات الرعاية الصحّية والتعليمية والحقوق الوظيفية،وبموجبه أنشئت الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة التي يبلغ عدد المسجلين لديها اكثر من 52 ألفا. وتوفر الهيئة لذوي الإعاقة الترتيبات التيسيرية والخدمات التعليمية والتأهيلية والتربوية والوسائل التعليمية، كما تقوم بتأهيل وتشغيل ذوي الإعاقة في الجهات الحكومية والأهليةوالقطاع النفطي. وتعمل على توفير الرعاية السكنية لذوي الإعاقة وتصرف المزايا المالية التي تكفل لهم الحياة الكريمة.
الوجه الأصيل
وتجلّى وجه الكويت الأصيل، متمثلا في وحدة الشعب، وحكمة القيادة، في مواجهة الأخطار التي عصف ولا تزال تعصف بالمنطقة. وكان التفجير الإرهابي الذي تعرّض له مسجد الإمام الصادق في اواخر يونيو 2015 نموذجا رائعا لتلاحم القيادة والشعب لفت أنظار العالم.
فبعد فترة قصيرة من وقوع حادث التفجير الإرهابي كان سمو الأمير في موقع الحادث غير عابئ بالأخطار، قائلا جملته الشهيرة المعبرة«هذولا عيالي».
الشباب مركز الاهتمام
انطلاقا من إيمان سموه بأن «ثروة الكويت الحقيقية أبناؤها»، كان الشباب مركز الاهتمام لصنع المستقبل المأمول، فلم تدّخر الدولة وسعاً في العناية بالتعليم، وابتعاث المتفوقين من ابنائها لاستكمال دراستهم العليا في الخارج، وتوفير الوسائل والبرامج لتدريب الشباب وتوجيه طاقاتهالابداعية الى سوق العمل. وحث سمو الأمير الشباب على التسلّح بالعلم الحديث في عصر الثورة المعلوماتية، داعيا الى تحقيق نقلة نوعية فينظامنا التعليمي. وبمبادرة من سموه تم إنشاء مركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع في مايو 2010، بهدف رعاية أبناء الكويت من المبدعين والموهوبين وتقديم الدعم اللازم لهم.
وقال سموه في الخطاب، الذي ألقاه في افتتاح دورة الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة في 15 فبراير عام 2012: «أدعوكم للتركيز على رعاية الشباب، وتوفير فرص العمل وأسباب الحياة الكريمة لهم، وتفعيل مشاركتهم الإيجابية ودورهم البنَّاء في خدمة المجتمع وتنميته؛ فهم مبعث الرجاء ومعقد الأمل».
وفي ذلك العام تم إطلاق المشروع الوطني للشباب، تحت شعار «الكويت تسمع»، لخلق قنوات تواصل بين القيادات السياسية والشباب؛للتعرّف على أهم التحديات التي يواجهونها وعلى طموحاتهم وتطلّعاتهم، وترسيخ أسس الحوار البناء واحترام الرأي والرأي الآخر وتشجيع مبادرات الشباب وتحفيزهم على الابتكار.
وفي 2013، صدر مرسوم أميري في 2013 بتأسيس مكتب وزير الدولة لشؤون الشباب، تلبية للحاجة الى خلق كيان يعمل على تنسيق جهودالوزارات لرعاية الشباب. وفي ذلك العام عقد المؤتمر الوطني للشباب، وأقر الوثيقة الوطنية للشباب، وكُلفت القيادة السياسية الوزارات اتخاذالإجراءات العملية الجادة لإخراج توصيات المؤتمر إلى حيز التنفيذ، لتكون انطلاقة لشراكة شبابية في اتخاذ القرار.
وفي 2015، صدر قانون إنشاء «الهيئة العامة للشباب»، التي تبنّت استراتيجية هي الأولى لمدة خمس سنوات (2017/2016 ـــــ2021/2020).
ودعمت وزارة الدولة لشؤون الشباب مئات المبادرات والمشروعات والمهرجانات الشبابية. وخلال الفترة من 2013 حتى 2016 ارتقت الكوي تعلى الصعيد العالمي من المرتبة الــ 110 الى المرتبة الـــ 56 في مجال تنمية الشباب، وفقا لمؤشر تنمية الشباب الصادر عن «رابطةالكومنولث»، والذي يعتمد على معايير؛ منها تطور حصول الشباب على التعليم والرعاية الصحية والمعرفة بتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
وفي 2017 كانت الكويت عاصمة الشباب العربي، وشهدت مجموعة من الفعاليات المميزة لتشجيع الشباب على الابداع والابتكار ولتعزيزدورهم في عملية التنمية.
حقوق المرأة
أولى سمو الأمير المرأة الكويتية رعاية خاصة منذ كان رئيسا للوزراء، مسؤولا عن متابعة التعديلات الخاصة بقانون الانتخاب عام 2005،التي منحت المرأة حق الانتخاب. وتمثّل اهتمامه بالمرأة في دعم حصولها على حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية.
مركز العمل الإنساني
تولت الكويت زمام المبادرات في العمل الخيري الإنساني، واستحقت تكريم الأمم المتحدة لسمو أمير البلاد بتسمية سموه «قائداً للعمل الإنساني» ودولة الكويت «مركزاً للعمل الإنساني»، خصوصاً بعد أن استضافت الكويت المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني فيسوريا لثلاث دورات متتالية، ونجح سمو الأمير في خلق حشد دولي كبير من تلك المؤتمرات، وتبرع بسخاء لإغاثة اللاجئين السوريين.
وترأس سموه وفد الكويت في المؤتمر الدولي الرابع للمانحين لمساعدة الشعب السوري الذي عقد في لندن عام 2016. وأشاد الامين العام السابق للامم المتحدة بان كي مون بدور دولة الكويت «السباقة دائماً» لمد يد العون إلى المحتاجين.
وترأست الكويت، بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، مؤتمر المانحين لمصلحة لاجئي «الروهينغا» المقيمين في بنغلادش، وتبرعتبـ15 مليون دولار للتخفيف من حدة المأساة. وقدم الصندوق الكويتي للتنمية منحة مقدارها مليون دولار أميركي للإسهام في إغاثة اللاجئين الروهينغا. ولا مجال لحصر مبادرات الكويت والمساعدات التي قدمتها الى المحتاجين في العراق والسودان والصومال.. وغيرها.
صندوق التنمية والصداقة والإخاء
كان الصندوق الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية اول مؤسسة إنمائية في الشرق الأوسط تسهم في تحقيق الجهود الانمائية للدول العربية وغيرها من الدول النامية، وتمدّ جسور الصداقة والإخاء بين دولة الكويت والدول النامية. وتتسم القروض التي يقدمها الصندوقبأنها ميسّرة، تساعده الدول النامية في تمويل مشاريعها وتنفيذ برامج التنمية، كما يقدّم الصندوق المساعدات لتمويل تكاليف إعداد دراساتالجدوى الفنية والاقتصادية للمشروعات الإنمائية في هذه الدول، وتدريب الكوادر الوطنية فيها. والأرقام التالية أبلغ من الكلام:
عدد الدول المستفيدة من القروض: 106. عدد القروض: 972. قيمة القروض: 6344 مليون دينار كويتي.
المصادر :
https://www.kuwait-fund.org/ar/web/kfund/home
https://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=1593766
https://aawsat.com/home/article/26986
https://www.bbc.com/arabic/middleeast-42085175