رؤية ٢٠٣٠ إصلاحات شاملة في الأرض الموعودة

كتب: محمد العيسى
CEO
Alissa3m@gmail.com
خمس سنوات مرّت على إطلاق رؤية ٢٠٣٠ السعودية، ضمن الخطة الهادفة إلى تحسين المملكة وبثّ التطور اللامتناهي في شوارعها ومبانيها، حيث لاحظنا بعد مدة قصيرة ذلك التغير الذي طال كل ماهو حسّي وملموس، انعكس إيجابا على نفوسنا فزاد عشقنا للذان كان لهما الفضل في ذلك، ونقصد به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أطال الله بعمره ومدّه بمزيد من الصحة والعافية و سمو الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.

إن كل من حاول المقارنة بين المملكة قبل خمس سنوات واليوم؛ وجد فرقا شاسعا في معظم النواحي الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، وقد أعرب العشرات من المشاهير في استطلاع موسع بمناسبة مرور خمس سنوات على رؤية المملكة ٢٠٣٠ شارك فيه شخصيات دينية وفنية وقامات عالية ومهمة في المجتمع شكروا به الجهود المبذولة.

في هذه المناسبة التي استجدّتها حكومتنا الأم؛ ظهر والدنا الروحي سيدي الأمير محمد بن سلمان بمقابلة انتظرناها منذ أيام، ولَكم كانت الخطوات والمشاريع التي ناقشها نقطة مفصلية في تحويل المملكة إلى دولة همّها الأكبر التخفيف عن العبء الحاصل على العائدات النفطية والتي تأثرت بشكل تدريجي بعد ارتفاع عدد السكان والذي تعدى العشرين مليون نسمة، فكان لا بد من إيجاد حلول تخدم مصلحة الوطن وذلك تفاديا لأي مشاكل مستقبلية في وضع النفط، من حيث تدني سعره أو انخفاض الطلب عليه، بالأخص في حالة السعودية التي تعتمد بشكل أساسي عليه.
وبعد هذا القرار الحاسم بدأ المسؤولون بالبحث عن بدائل ودعائم لهذا القطاع، ووجدوا في قطاع السياحة والخدمات والتعليم والاستثمارات والخدمات اللوجستية ذلك الأمل الذي بإمكانه نشل قطاع النفط في حال تدهور وضعه على المدى البعيد، فتكون الجهوزية تامة لهذا الاحتمال في الوقت الذي استبق فيه المسؤولون والجهات المعنية كل المخاطر المحيطة وبالتالي لا تتأثر المملكة بالتقلبات.

وقد صرّح سموه بأنه عقب مباشرتهم لتنفيذ رؤية المملكة ٢٠٣٠ أي في الخمس سنوات الماضية؛ واجهتهم عدة تحديات، تجلّت في أن معظم المشاكل يعود عمرها إلى أكثر من عشرات السنين وتحتاج مجهودا أكبر مما كان مخططا لها، مثل مشكلة الإسكان التي تجعل المواطن ينتظر ما يقارب ١٥ سنة ليحصل على قرض منه، وذلك لعدة مشاكل تعود إلى التنسيق مع الجهات المسؤولة مثل البلديات والبنك المركزي والمالية...إلا أن هذه الرؤية بتلك الأيادي الساهرة على تطبيقها تمكنت من زيادة الاسكان من ٤٧% إلى ٦٠% خلال ٤ سنوات فقط.
ثم إن نسبة البطالة انخفضت من ١٤% إلى ١١% بعد مباشرة تطبيق الرؤية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الإيرادات الغير نفطية إلى ٣٥٠ مليار ريال سعودي بعد أن كانت ١٦٦ مليار ريال، وهي نسبة لا يستهان بها والتي تزيد عن الضعف.

أدخلت المملكة في معظم الأمور الحياتية والتي تأخذ من المواطن وقتا طويلا في إنجازها تلك المعاملات الإلكترونية ومن ضمنها معاملات السجل التجاري التي باتت تأخذ نصف ساعة في تخليصها، بينما كانت من قبل تستنفذ أياما وساعات وكثيرا من الدوائر الرسمية من أجل إتمامها.
كانت السعودية الملاذ الآمن للاستثمارات الأجنبية حتى قبل رؤية ٢٠٣٠، فكيف بها بعد رؤية ٢٠٣٠!! إذ أنها صارت من بين أقوى الدول العالمية الجاذبة للاستثمارات، حيث تضاعفت ٣ مرات أكثر، وسجّلت مساهماتها ١٧مليار ريال سنوياً بعدما كانت تسجل ٥ مليار ريال في السنة.

شدّد محمد بن سلمان على أهمية استغلال القطاعات المتاحة والفرص التي من شأنها دعم اقتصاد المملكة الخضراء في ظل تخبّط التوقعات النفطية حتى عام ٢٠٣٠، حيث ينقسم المحللون العالميون المختصون بالنفط إلى قسمين، الأول منهم يتوقع نمو الطلب على النفط حتى ٢٠٣٠ ومنهم حتى عام ٢٠٤٠، أما الفئة الأخرى تتوقع انخفاض الطلب على النفط تدريجيا حتى ٢٠٧٠.
أما الجزء المبشّر بخصوص النفط فهو أن العرض سوف ينخفض لدى الدول الكبرى في الخمس سنوات المقبلة مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، أما في المقابل سوف تزيد السعودية من إنتاجها ضمن شروط معينة، الأمر الذي سيشكل أرباحا خيالية للمملكة إلى جانب كل تلك القطاعات الداعمة للاقتصاد.

وأضاف أن هذا القطاع لا يعتمد فقط على النفط الخام بل أنه يقوم أيضا على الصناعات التحويلية من مواد ومشتقات نفطية بحدود ١٠٠ ألف برميل، وتسعى الجهود إلى مشاركة أرامكو في تحويل ما يقارب ٣ مليون برميل إلى صناعات تحويلية مختلفة في ٢٠٣٠، حيث تبلغ عائدات البرميل منه ضعف عائدات برميل النفط الخام.
ثم ختم سموه في موضوع أرامكو أن هناك العديد من الطروحات في الشركة ومن أبرزها تلك الصفقة التي تقضي في الاستحواذ على ١% من قبل أكبر شركات الطاقة في العالم، إلى جانب عدة طروحات متفرقة تخص أرامكو والاستثمار فيها.

إن شخصية الأمير المتأصلة بالثقافة الواسعة جعلتنا نشعر بأننا نستمع إلى عالم من علماء العصور القديمة التي نشأت الحضارة على أيديهم، فذلك العصر لا يختلف كثيرا عن النهضة التي حصلت في عهد وليّ العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، وكأنه كان هو من خطّ كل الرؤية بيديه من دون مساعدة، فأحاط بمعلوماتها إحاطة تامة، وخاض في تفاصيل كل فكرة حتى وصل إلى عظمها، فكان شفافا في نقاشه عن المواضيع المختلفة بأبعادها ونتائجها، وأعطانا الإجابات الشافية لكل سؤال كان قد طُرح عليه، حتى أنه تطرّق إلى ذكر بعض من المواضيع المحلية والعالمية والتي لم يُسأل عنها بل وجد أن من واجبه الخوض في بعض من تفاصيلها، ليكون على بيّنة مع شعبه الوفي، الذي كان من أكبر العناصر المؤسسة لنجاح رؤية ٢٠٣٠، بجهودهم المتضافرة ونواياهم الحسنة.

كل الذين تعمقوا في أبعاد هذه المقابلة؛ وجدوا أن أكثر ما تم ذكره هي الأرقام والنسب بشكل ملحوظ، وهذا إن دلّ على شيء فهو على أن الكلام المعتمد على الدراسات الرقمية والأبحاث العلمية يكون دائما مصدر ثقة الشعب لأنه خالٍ من أي تزييفات أدبية ومحاولات لكسب الجماهير، ونحن من الأشخاص الذين أعادوا مشاهدة هذه المقابلة أكثر من أربع مرات، وفي كل مرة كانت تساهم في إنضاج العقل وفتح العيون على مواضيع كنا قد جهلنا تفاصيلها قبل يوم من ذلك اللقاء المثمر.

لقد نقل لنا الإعلامي السعودي عبدالله المديفر صورة الإنسان الرّصين المحب للقامات العظيمة والتي شكّلت علامة فارقة في الحكم، حيث أظهر للمتابعين أهمية الحوار المصاحب للاستماع والنقاش البنّاء، فهو يعتبر من أهم المحاورين الشباب، ولابد من أن يكون محاور الأمير الفذّ شخصية مثقفة، واثقة من نفسها، على استعداد لأي موضوع مفاجئ، يجد نفسه مضطرا إلى طرحه من دون تحضير مسبق، ولقد كانت كل تلك الصفات واضحة من خلال بضعة أسئلة كان قد طرحها من دون أي قطع لأفكار سموّه أو تدخّل أثناء حديثه، لأنه إنسان فطن يعرف متى يتكلم ومتى يتوجب عليه الصمت.


أخر إصدار من مجلة الكون بيزنس
تويتر
LinkedIn
Poll

هل ترى أن التحول الرقمي يمكن أن يسهم في تحسين كفاءة أعمال الشركات؟

نعم

80%

لا

20%

نعم

لا

مع أم ضد التعليم عن بعد؟

نعم

67%

لا

33%

نعم

لا

Do you have iPhone 12

نعم

50%

لا

50%

نعم

لا

جميع الحقوق محفوظة للكون بزنس © 2023