رجل الأعمال والإعمار

كتب: محمد العيسى
CEO
Alissa3m@gmail.com
إن أردت فهم معنى العصامية الأصيلة في شخص ما؛تصفح حياة الرئيس اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري الذي أسس لحياته كما لم يقدر سياسي لبناني على فعل ذلك، واستحق سلطته التي حكم بها بكل عدل وحب ولم يرثها أو يرث أعماله وماله كما فعل الآخرون في وطنه.

كان ذلك الشاب البسيط ابن المزارع الجنوبي الذي يعمل في إحدى المزارع اللبنانية، درس اختصاص المحاسبة في الجامعة ولم يكملها منتقلا إلى المملكة العربية السعودية حيث عمل مدرسا للرياضيات في مدينة جدة، ثم عمل محاسبا في شركة هندسية واستكمل أعماله حتى جمع مبلغا من المال وأسس مشروعه الخاص الذي يُعنى بالمقاولات، فدرّ عليه المشروع أرباحا ضخمة وصارت الشركة من أكبر الشركات في المملكة في تلك الفترة التي شهدت توسعا عمرانيا كبيرا.
بعد نجاحه في توظيف قدراته في أول مشروع له؛ تشجّع وأقدم على شراء شركة أوجيه الفرنسية وقام بدمجها مع شركته الخاصة وصار اسمها "سعودي أوجيه"، حيث صارت هذه الشركة من بين أضخم الشركات في العالم العربي، فتوسّعت دائرة أعمالها وشملت إنشاء شركات التأمين والنشر وإنشاء البنوك...

باتت سيرته الحسنة من أطيب السير المعروفة في المملكة، واشتهر بمحبة الناس له ودعمهم لكل خطوة كان يخطوها، حتى تم منحه الجنسية السعودية عام ١٩٧٨، وبفضل جهوده الخاصة وأعماله المتميزة؛ قفز قفزة نوعية في الأعمال وصار من ضمن أغنى رجال العالم.
لم يكسب فقط محبة الناس حوله بل كسب ثقتهم أيضا؛ إذ جعله الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله مبعوثا شخصيا له إلى لبنان في مهمات عديدة من أهمها إتفاقية الطائف التي أنهت الحرب الأهلية في لبنان بوساطة سعودية.
في أوائل التسعينات دخل أبو بهاء المعترك السياسي وتم تعيينه رئيسا للوزراء، يرافقه دعم معظم الشعب اللبناني والقوات السياسية الأخرى ولم يكن له خلافات مع أي جهة، بل كان محبوبا ومقبولا حتى من قبل المعارضين الذين احترموه وجعلوه أيقونة الخلاص للوطن من بعد تقديماته التي نشلت لبنان أكثر من مرة من الدمار والانهيار الاقتصادي، فكان الرجل المعتدل، المخلص والمدافع عن الأرض في وجه أي تهديد يدق بأبوابه، وقام بإعادة إعمار لبنان بعد الحرب التي لحقت به وحسّن وضع الليرة اللبنانية بالتحديد فيما يخص تثبيت سعر الصرف.

ساهم في إنشاء عدد كبير من المؤسسات والأعمال الخيرية الاجتماعية والثقافية وكان سندا وعونا لمعظم فئات المجتمع العربي واللبناني بالأخص على الصعيد العلمي، حيث قدّم فرصا تعليمية لحوالي ٣٦٠٠٠ لبناني للدراسة في الداخل والخارج، وأنشأ أكثر من ٥ صروحات تعليمية تتوزع بين مدارس وجامعات، منها مدرسة في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى المساعدات المعيشية للمحتاجين ودعمه للجمعيات الأهلية والمؤسسات التي تعنى بتحسين أوضاع الناس في ظل الظروف المعيشية القاسية.
إن أثره الذي ما زال يتردد بين شوارع بيروت حتى بعد اغتياله جعل أكثر من جيلين يترددون إلى لحده ليأخذوا منه بركة الجهد والعمل الدؤوب، وصار لهم قدوة من بعد قصّ سيرته عليهم، لأنه كان المعلم الأكبر لمن عاصره منا وأستاذ الوفاء للوطن الكبير.


أخر إصدار من مجلة الكون بيزنس
تويتر
LinkedIn
Poll

هل ترى أن التحول الرقمي يمكن أن يسهم في تحسين كفاءة أعمال الشركات؟

نعم

75%

لا

25%

نعم

لا

مع أم ضد التعليم عن بعد؟

نعم

67%

لا

33%

نعم

لا

Do you have iPhone 12

نعم

50%

لا

50%

نعم

لا

جميع الحقوق محفوظة للكون بزنس © 2023