الفن والجمال ..
حينما يعود بنا الزمن لذاكرة المكان والزمان ، نستذكر تلك الأيام الجميلة التي جمعتنا في جدة قبل ثلاثة عقود من الزمن ، وفي العام ١٩٩١ م كان معرضي الشخصي الثالث في جدة ، وكان بالتحديد في بيت التشكيليين مع اطلالته ، وكان جميع التشكيليين مسرورين بمبادرة المهندس محمد سعيد الفارسي رحمه الله ، الذي يمنحنا أول بيت تراثي في جدة التاريخية للفن التشكيلي في العام ١٩٧٢ م ، وكان أول رئيس لبيت التشكيليين الفنان طه صبان ، الذي استمر فيه حتى العام ١٩٩٥ م والذي كان شعلة من النشاط على مستوى المملكة ، وكان حلمنا أن يكون لنا في كل منطقة من مناطق المملكة بيتاً كبيت جدة .
وبعد سنوات قمت بتنظيم معرض لجماعة عشتار في قاعة المركز السعودي للفنون في مركز كرا التجاري ، وتلاه بسنوات معرضي الشخصي في نفس القاعة ، وكذلك معرض بين ماءين لفنانين من دول الخليج العربي .
وفي معرضي الشخصي الثاني اقتنيت بعض أعمالي من قِبل عاشق الفن الشيخ عبدالرؤوف خليل ، واليوم وبعد مضي ثلاثين عاماً أعود مجدداً لأرى لوحتي في متحف الطيبات ، هذا المتحف الذي يضاهي اكبر متاحف العالم ، وكانت أجمل مفاجأة أن يرى الفنان لوحته بعد ذلك الغياب الطويل ، حينها تذكرت تلك الأم التي فقدت طفلها وهو في المهد ، وبعد عقدين تراه أمامها .
أما بيت التشكيليين في جدة البلد ، وكما تسمى اليوم جدة التاريخية ، فقد مررت به حينما كنا نتجول بين ازقة المباني التراثية ، وقفت امام المبنى لأستعيد ذاكرة المكان ، و وهج الفن التشكيلي في ذلك الزمان ، ومضيت في طريقي استكشف جمال البيوت برواشينها ونوافذها وأبوابها الشاهد على مرورنا من هناك قبل ثلاثة عقود .
عبدالعظيم الضامن.