عن إرادة الله والإصرار على الحياة وكيف ان الله معه في كل حين ولم يفقد الأمل للحظة واحدة أبداً لم يجعل من سرطان القولون أثر على نفسيته وحتى على نفسية أبناءه قال لإبنه نايف وهو في بيت الله قبل الخضوع للفحوصات " أريدك أن تكون معي تشجعني وتتحدث معي بكل ما هو جميل ولا تنسى نحن هنا مع أعظم الأطباء " هو الله عز وجل ونحن في بيته وأنا كلي ثقة بأنه هو طبيبي "
بداية المرض
الشيخ عبدالله الدحيم من أهالي دارين وسكان حي العزيزية بالخبر موظف متقاعد من شركة أرامكو عام 1998 مهندس مولدات كهربائية ومستشار بلجنة الأمل في جمعية السرطان السعودية وعضو في لجنة الشفاعة الحسنة للتبرع بالأعضاء منذ 1414 هـ وسفير لخدمة أطفال التوحد "جمعية طيف بالجبيل ".
روى قصته بكل حب وأراد من خلال حديثه أن يصل برسالة لكل من يعاني من هذا الخبيث رسالة تقول " الله معك فلا تيأس والشعور بالسعادة هو العلاج والحزن طريق للهلاك إجعل يقينك بأن الله هو الشافي والمعافي وقد سخر لنا أطباء في مستشفيات المملكة قادرون بما وهبهم الله أن يساعدونا بعد الله على الشفاء، لا تظن أن هذا الخبيث إذا أصابك هو نهاية الحياة؛ لا بل هي بدايتها، بداية لطريق جميل بعد الشفاء، وهو التقرب من الله أكثر، وأكثر، وممارسة عمل الخير، والتطوع فيه .
في نهاية 2008 علم بمرضه، وكيف كان ذلك؟... يروي الدحيم قصته من البداية " كنت أشعر لمدة ثلاث سنوات بألم في معدتي " حرقان" كنت أعتقد أنه بسبب الدهون أو البهارات الحارة، وكنت أتابع في المستشفيات، وكانوا يصفون لي أدوية خاصة بالمعدة؛ إلى أن جاء ذلك اليوم، وقد كنت مع العائلة في شاطئ أرامكو في رحلة شواء، وأكلنا، وكنا سعداء، وبعد العودة للمنزل شعرت بألم غريب للغاية في بطني " حرقان زائد " نمت وحينما أصبحت الصباح وذهبت لدورة المياه ، وكانت المفاجئة، دم " كيف ! ولماذا؟ في هذه الأثناء أستبعدت مرض السرطان، وقلت قد يكون من كبر السن فأنا في حينها كنت في نهاية الخمسينات تعجبت كثيراً من الكمية التي خرجت مني ذهبت لإحدى المستشفيات الخاصة، وما أن أخبرت الطبيب المختص بالمناظير بما حدث لي لم يتركني أكمل وكأنه فهم شيء وأراد أن يتأكد منه فقال لي يجب أن نجري لك فحص بالمنظار من أعلى ومن أسفل وافقت وتوكلنا على الله .
سرطان القولون
بعد أسبوع عدت لنفس المستشفى حتى أحصل على نتجية المنظار وكان موعدي مع استشاري خاص طبيب الباطنية وكان معي إبني وليد.
دخلت على الطبيب، ونظر لي قائلاً : أنت عبدالله. قلت له : نعم أنا عبدالله، وكنت مبتمساً، وهو يسألني، وكان ملفي أمامه على الطاولة وأنا واقف، وهو ينظر لي نظرات استغراب طلب مني الجلوس، وقلت له: تفضل أنا لم أتي إلا لأجل العلاج قال لي: ألست خائفاً قلت له: لا أنا لاأخاف إلا من رب العالمين، وإذا أنا بمصاب بشيء فهذا دليل على حب الله لي.
فقال لي أنت مصاب "بسرطان القولون 17 سم " توقع الطبيب أن أحزن، ولكن قلت له الحمد الله الله يحبني وأضاف الطبيب، ودرجته بين 2 إلى 2،5 قلت له الحمد لله ولم أجزع فما هو من الله خير وإبتلاء.
كان معي ولدي "وليد" وهو الوحيد الذي يعلم بحالتي أخذ التقارير لطبيب يعرفه بمستشفى الملك فهد التخصصي وما أن رأها الطبيب حتى قال أحضر والدك الأن حالاً وتم ذلك فأدخلوني المستشفى لعمل فحوصات جديدة وهي لازمة لمثل هذا إذ أنهم لا يعتمدون على فحوصات المستشفيات الأخرى وقال بعد أسبوع ستدخل للتنويم وسنبدء العلاج الكيماوي مباشرة. فطلبت من الطبيب أن أخذ أسبوع منه وكان لدي هدف طلبت من أبني نايف أخذ إجازة لمدة عشرة أيام حتى سألني لماذا قلت له قل إن شاء الله دون أن تسألني فأنا أبوك.
عشرة أيام في مكة
شعر "عبدالله الدحيم" بأنه يريد أن يزور بيت الله ويستنشق من عبقه الطاهر قبل دخول مرحلة العلاج ذهب لمكة مع إبنه نايف يذكر لنا قصة العشرة أيام كيف بدأت وكيف أنتهت "وصلنا لبيت الله أنا وإبني نايف وكنت لا أترك البيت إلا للنوم في الفندق وكان طعامي خلطة أعددتها لي أم رمزي زوجتي الغالية "خلطة من التمر ملفوفة بالنارجيل المطحون" ،وسبع أيام متتالية أكلي تمر، وشرب ماء زمزم فقط حتى أن إبني نايف كان خائفاً علي، وكان يبكي وقلت له إن مت، وأنا في مكة فالله يحبني وسيصلي عليَّ خمس مليون مسلم وأنا في بيت الله، ولكن إن مُت في منطقتي لن يصلي عليَّ إلا عشرين أو ثلاثين فجلس فقلت له لا تبكي ولا تجعلني أنهار نفسيا، فأنا أريد منك كلام إيجابي ووقفة بجانبي.
في تخصصي الدمام
عدنا بعد عشرة أيام لمستشفى التخصصي وأجرينا الفحوصات اللازمة قبل العملية وبعدها دخلت على الطبيب فسألني أين كنت خلال الأيام الماضية، أين ذهبت؟ أخبرته بأني كنت مع الطبيب ربي بإختصار أنا كنت في بيت الله فقال سبحان الله التحليل تغير فيها الشيء البسيط وستتغير خطة العلاج وستقل نسبة الكيماوي الذي سنعطيك إياه.
رحلة العلاج
بدأت العلاج الكيماوي والإشاعي لمدة ستة أشهر في هذ الوقت كنت آخذ الكيماوي من الساعة 8 صباحاً الى 4 عصراً وأنتهي، وبنفسي أقود السيارة ولا أذهب مباشرة للمنزل بل أمشي في الواجهة البحرية " كانت لي قناعة أن أقضي على هذا المرض، ولا أستشعر بمرضي، وكنت أمارس مهامي في المنزل كما كنت في السابق تماماً. ستة أشهر علاج بالكيماوي والإشعاعي وثلاثة أشهر من الراحة.
بعد العلاج الكيماوي
بعدها قرر الطبيب أستئصال الورم كامل، وكان في 15 رمضان وقبل يوم العملية أخبرني ما سيحدث من ضمن التقرير قال سأضع لك كيس بعد العملية، وتمت العملية ،وكانت متعبة للغاية 14 ساعة في المستشفى التخصصي، خرجت من غرفة العمليات، وفي صباح اليوم الثاني وأنا كنت متعب جاء الدكتور الذي أجرى لي العملية وقام يتدليك جسمي كان يعتني بي كثيرا .
قال لي ماشاء الله إن الله يحبك كثيراً سألته لماذا؟ قال :كل الموجود بخطة العلاج تم الغاؤه لن نضع لك كيس خارجي ولن نجري لك أي شي فالحمد لله العملية ناجحة 100% فرحت كثيراً شعرت أن إيماني وأحتسابي، وأملي مهم للغاية، وكانت وجبتي طوال أيام التعافي فقط جلو + روب.
بعد الإستئصال
ولأني دخلت المستشفى في شهر رمضان كنت أستغل يومي بالتقرب من الله عز وجل والدعاء بزواله عني وعودتي لأولادي بعد العملية كنت دائماً أتمنى وأدعو الله بأن أعود لأبنائي قبل العيد وفي ليلة 27 تحدثت لأبنائي عبر الهاتف وطلبت منهم عسل وروب فكنت آكله بدل من طعام المستشفى طوال الليل وصباح 27 رمضان كنت متقرب لربي طوال الوقت بالدعاء وكنت أدعوه بخشوع وقلب متفطر بأن أخرج قبل مغيب شمسه لأحضر العيد مع أفراد أسرتي، والله إذا أراد الله شيء معين يقول لكه كن فيكون.
بعد صلاة صباح يوم 27 دخلت إلى دورة المياه فشعرت كأني مثل المرأة التي ستلد وكنت أبكي وتسهلت أموري وجاء الطبيب وأخبرته ما حدث فقال متى تريد الخروج قلت له الأن فكتب لي الخروج وكان صباح يوم 27 رمضان والحمد الله عدت للمنزل ما أن جاء ظُهر ذلك اليوم إلا وأنا بين عائلتي ولله الحمد.
أم رمزي قلبي الحنون
الزوجةوالأم والحبيبة والأخت والممرضة والعين والقلب الحنون هكذا كان يسميها الشيخ عبدالله الدحيم كان يتحدث عنها والعبرة مخنوقة والحزن واجم على صدره وملامحه قد تغيرت ولون وجهه كاد أن يفضح حزنه قال " أم رمزي لم تتركني لحظة واحدة طوال الثلاث سنوات التي كنت مريض فيها قبل اكتشاف المرض وأثناء العلاج وبعده كانت معي وتتابعني وتمرضني هي دمعة من عيني وقلبي الحنون في أثناء زيارتي للمتابعة بمستشفى الملك فهد التخصصي أصيبت زوجتي بسرطان الكبد فأصبح المشوار الجديد مع أم رمزي فكانت تأخذ كل أنو اع العلاجات الخاصة بالسرطان لمدة ثلاث سنوات ولكن جسمها بدء يضعف وقد أنتشر فيها السرطان في كل مكان من جسمها وكانت نسبته أكثر من 3:5 وكان الوضع خطير.
يقول " كنت الطبيب الروحاني وكل شيء لها لكنها رحمة الله عليها كانت متعبة للغاية بسبب إنتشاره كنت خائف عليها وفي ذات الوقت أشعر بحالتها وتدهورها وليس في يدي شيء إلا أن أكون لها كل شيء.
وحينما جاء طبيبها استشاري سرطان الكبد الدكتور محمد القحطاني قال لي " كنا قد قررنا عمل زراعة ولكن الوقت تأخر لو أجرينا لها عملية وقمنا بقطع جزء من الكبد ستنزف كثيراً ولن تنجو لنتركها بين رحمة الله" وماهي إلا أيام ورحلت.... ثمان سنوات ومازلت اراها ماثلة أمامي.
التجربة علمتني
يقول الدحيم " من الأن هذه تجربة والحمد الله أن أستفدت منها الكثير الحمد الله رب العالمين من أول يوم أصبت بمرض السرطان ألتحقت بجمعية السرطان وأسسنا لجنة أنا والمتعافيات من سرطان الثدي جمعية سميناها لجنة الأمل وهدفنا مساعدة المرضى للقضاء على هذا المرض من خلال حديثنا عن تجاربنا، فإن الله قد يصيبك بشيء معين لكنك لا تدري ماذا يريد من ذلك. لم أتعامل مع مرضي كونه سرطان بأني لن أعيش على العكس، تجربتي كانت معه جداً سهلة ومرنه، وكنت أتحدث مع أولادي والأطباء وكل من يزورني بإيجابية وتفاؤل.